ذاتَ يومٍ .. كنتُ في صحْرَاء الحيَاةِ تائهًا وحدِي أُقَاسِي ظمَأ الـوجُود
و أُحاكِي ظُلْمَة اللَيل السَّديم و أعبُر بَيْن ثنَايا العُمر لا عِدَّة لـِي أسِير بها
و لا أجدُ سوى حرارةِ الـرِّيح مصحُوبةٍ بحبيباتِ الرِّمَـال ؛
تُحَاوِل أن تخطِف بصَري !
إلى أن استسلمتُ و ألقيْت بنفسي على لظى الـأرض ..
و أقبلتُ بهامتِي إلى السَّماء !
وجدتُ ذاكَ الضِّياء يُشعُّ من بَعـيْد .. فقلتُ لـ نفسِي ربَّما وهمٌ تراءى لعينِي
و لكنَّه اقترب لـِي .. شيئًا فشيئًا !
رحتُ أمسحُ عينيّ لأجده حقيقةً ..
فتولّد لـيْ أمَلُ العَودة ؛ وقفْتُ حينَها مُهلّلاً
فكَـان يسبَحُ في الفُلك .. و يضيءُ لِي تلكَ العُتمة
و ظلَّ يَمشي مَعي .. خُطوَةً خُطوة ؛
حتى أصبَحتُ أبطِئ خُطايَ لاطمئنَانِي بوجُوده
مرّت عليه سحاباتٌ مـِن الـ أوهَام
و غطتهُ بوشاحٍ مِـن الأسَى الذّي انعكَس عليّ
لكنَّها سُرعَان ما انقشعَت .. و عاد مُؤنسِي و خلِيلي
بعدَها شعرتُ ببُرودةٍ شديدة ؛ كانت تنخِرُ عِظامِي
أحسستُها تفتِّتُ أضلعِي .. تستبيحُ خافِقي
لـدرجَةٍ لم أدرك أنَّني وجدتُني من تيهي و وصلتُ إلى حيثُ أنـأ
و حِين كنتُ أدفّئُ أطرَاف أصابعِي المُتجمّدة .. لاح نظرِي للسَّماء
فـ لم أجِد نجمِي !!
غابَ عنِّي و رَحَل ..
و أدركتُ أنّهُ الودّاع مـنْ جمّدني .. وشلّ نبضِي
ذلك الضّيْفُ الثَّقيْل .. الّذي فرضَ نفسَه و لـم يبقِ لخليلين مـِن بقَاء !
لكنِّي مُيْقن أنَّه سيعُود حتمًا .. كما قالوا لي
لأنِّي أجدُه روحيًّا معِي .. أجدْهُ في أعينِ أحبّته يتبلور
أحَاطنِي بِهم ..
و لـم يترُكني وحيدًا !
كلمَاتِي لا تسعُ ما يضجُّ بخاطِري
و لكنَّ حُرقَة الفِراق تستحوِذُني ..
و لا أملِكُ سوى ابتهَالاتٍ لخالِقي
تحفُّه بالتَّوفِيق ,,