التسميات

السبت، 2 فبراير 2013

فعلٌ يحكي و عمرٌ يمضي .. و عقلٌ يطير

   لا شكّ أن السياق الطبيعي للحياة و المتعارف عليه هو مرور الإنسان بمراحل تهيِّؤه للنضج و الخروج من دوامة عقلية بكامل قواه التي سخرها في بناء فكره و تحرير كلماته و مبادئه التي يسير عليها أي إنسانٍ طبيعي في هذه الدنيا . 
قد يحكمنا عمرنا أحيانًا أن نعيش عاهة عقلية تمر كطيفٍ عابر سريع أو كمسار ضوءٍ يخترقُ قلبك ليصل للجدار من خلفك, لكن الفكرة في هذا الضوء هي أن نخرج بعده بكمية من الاتزان بين الروح و القلب و العقل . 
رؤيتنا للأشياء بحد ذاتها تتغير بين مرحلتين عمريتين سواءً كانت محكومةً بجيل أو بسنة أو حتى أسبوع , نحن نمارس نضوجنا الفكريّ بطريقتنا الخاصة و لكن أين يكمن العيب ؟ 

حين تصل لمرحلة تظن أنَّك فيها ملكتَ فكرةً تغنيكَ عن العالم أجمع و أنَّك بهذه الفكرة قادرٌ على التأثير على نفوس الآخرين و جرِّهم للتبعية من بعدك عليكَ أن تُقيِّم مجرى و مسار الفكرة . هل فعلاً هذه الفكرة تؤثر بطريقة إيجابية في كرةٍ كونية متعددة الشخوص و التوجّهات ؟ أم أنها تؤثر فيكَ كشخص وحيد يعيشُ منعزلاً بين قاذورات الأمس على رف التلفاز ؟ 
مما لا شكَّ فيه أن تأثرك بالمقام الأول هو السبيل الوحيد لبث شيءٍ ما من نافذة غرفتك أو حتى مرآتك الخاصة, و سيتجلّى ذلك في أفعالك التي لا يمل الناس من مراقبتها و تحليلها نحو توجهاتهم و تطلعاتهم و إن كانت سقيمة . 

أنت تؤدي عملاً ما و تتفوه بأي شيء و لكن هذا الشيء يأتي بمقدار تقبُّلك لما تحمل من أفكار و تجارب, قد نُصعق أحيانًا بكمية التقيؤ الفكري المنبوذ الذي يمدُّنا به شخصٌ صاحب تجربة عمرية عظيمة بالنسبة لنا و كيف أنه سخَّر توجهاته العقلية كاملة على مرحلة من حياته لم يستطع أن يتجاوزها . لذلك تجده يسعى لتعويض تلك المرحلة و تكريس جهوده كافةً مهما كلفه الأمر .
بالرغم من أن تلك المرحلة لو نظرت لها ستجد أنها لا تستحق منك الوقوف على أعتابها أو حتى إدراك مضامينها على الصعيد الشخصي, لأن تأثيرها أخذ مأخذه منك فأنت تسعى لتحوير ذلك التغيير لما يتناسب مع مصلحة فكرك بطريقة إيجابية .
أما بثُّك لمكنوناتها على أنها نقص في حياتك العمرية و أنك بحاجة كبيرة لاستعادتها و تعويض ذلك الجزء ستجد حتمًا أن فعلك يتنافى مع عمرك و قِس عليه رجاحة عقلك .

المضمون الوحيد الذي نسعى إليه هو كيف نُجسِّد فكرةً بعقلٍ و فعلٍ ملائم لأعمارنا لا أن نسحقَ مضامين الآخرين التي يبحثون عنها فينا بتجسيد عالم الاحتياج لهم و كأنهم علكة نمضغها لنسد فراغات و تجاويف مرحلة تكوينية خاصة بنا . 
أنت بذلك تعمل عمل بائع الزبدة السَّمين الذي لا يعي حجم الضرر الذي يخلّفه .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

window.setTimeout(function() { document.body.className = document.body.className.replace('loading', ''); }, 10);